مرحباً بطالب العلم
كلمة قالها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان، ولا تزال منقوشة على صدور ورثته من بعده وفي قلوبهم! يستقبلون بها طلبة العلم من مشرق أو من مغرب، يبشون بها في وجوههم ويفسحون لهم في مجالسهم، ويقدرون توجههم لطلب العلم وانقطاعهم لتحصيله.
وعلوم الشريعة -أيها الدارس الكريم- هي ميراث النبوة، فإن الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا وإنما ورثوا هذا العلم، وعلى قدر حظ الناس منه يكون حظهم من وِرَاثة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ولهذا كان طلب العلم أغلى ما أُنفِقت فيه أعمار البشر وأموالهم، وإن لحظة ينفقها الإنسان في عمره لا يستفيد فيها علمًا، ولا يقصد فيها إلى طاعة ، لجدير بأن تطول عليها حسرته!
هذا وإن الجامعة الإسلامية بأمريكا الشمالية (مشكاة) وهي ترفل في حلتها الجديدة، وتكدح في سبيل نشر العلم الشرعي الصحيح في أرض الله الواسعة، باسم الله وعلى سنة رسول الله، متخذة من الولايات المتحدة نقطة انطلاقٍ لها، فإنها تود أن تكون بذلك على خطى الرعيل الأول من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين خرجوا من مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ينشرون علمه وهديه، ويوطئون لرسالته مهادًا في مشارق الأرض ومغاربها، واختاروا ذلك على البقاء في مدينة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومجاورة مسجده الشريف حيث الصلاة المضاعفة الأجر، والتي يزيد أجرها ألف مرة على ما سواها من الصلوات في بقية المساجد، إلا المسجد الحرام.
ولا يفوت الجامعة الإسلامية بأمريكا الشمالية (مشكاة) أن تحيي جميع الجهود التي سبقتها في هذا المجال، وتقر لها بالفضل والسبق والريادة، وتتطلع إلى التنسيق معها والتكامل بينها إقامة للدين، ونصحًا لله ورسوله ولعامة المسلمين.
وبعد: فهذه نصيحة لطالب العلم وهو في بداية الطريق:
احرص على تجريد القصد لله عز وجل، ولا تشب هذا الطلب الشريف بشائبة من حظوظ النفس وأغراضها، فإن من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله -لا يتعلمه إلا ليصيب عرضًا من الدنيا- لم يجد عرف الجنة يوم القيامة!
وحسبك هذا الحديث الشريف المتفق عليه: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى».
واعلم أن الأصل في طلب علوم الشريعة هو المشافهة والتلقي المباشر، فهو الذي تخرج عليه علماء الأمة عبر القرون، فلا ينبغي أن يعدل عن هذا الأصل ما امتُهِدَ سبيلٌ إلى ذلك.
ومن كان شيخه كتابه فاق خطؤه صوابه! فاحرص على حضور المحاضرات التي تقدمها الجامعة سواء من خلال أساتذتها الزائرين، أو من خلال ما تبثه إليك عبر وسائط التقنية التي يتم فيها التواصل صوتًا وصورة بينك وبين المحاضرين أينما كانوا، مهما تناءت الأقطار وتباعدت المسافات.
واحرص على الجِد في الاستذكار والتحصيل، واعتن بالأنشطة والاختبارات الملحقة في نهاية كل وحدة دراسية.
مع أطيب تمنيات الجامعة الإسلامية بأمريكا الشمالية (مشكاة) لك بالتوفيق والسداد، والله من وراء القصد وهو الهادي على سواء السبيل.